روائع مختارة | واحة الأسرة | أولاد وبنات (طفولة وشباب) | اللعب.. وبناء مستقبل الأبناء

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
روائع مختارة
الصفحة الرئيسية > روائع مختارة > واحة الأسرة > أولاد وبنات (طفولة وشباب) > اللعب.. وبناء مستقبل الأبناء


  اللعب.. وبناء مستقبل الأبناء
     عدد مرات المشاهدة: 4085        عدد مرات الإرسال: 0

أين الضجيج العذب والشغـب  أين التدارس شابـه اللعـبُ؟

أين الطفولـة فـي توقدهـا  أين الدمى في الأرض والكتبُ؟

أين التباكي والتضاحـك فـي  وقت معًا، والحزن والطـربُ؟

في كـل ركـن منهـمُ أثـر  وبكل زاويـة لهـم صخـبُ

..أبيات رائعة سطرها الشاعر"بهاء الدين الأميري" يعبر فيها عن افتقاده لضجيج أبنائه وهم يلعبون، بعد أن تركوه وسافروا مع أقاربهم في عطلة نصف العام..

فهل تشتاق ـ عزيزي المربي ـ لضجيج أطفالك إذا غابوا عنك أيامًا..؟

عزيزي المربي:

رغم ما يصيب الوالدين من إرهاق من جرّاء لعب الصغار وضجيجهم، إلا أن اللعب يظل ضرورة للطفل وعلامة من علامات صحته النفسية وتكيفه الاجتماعي السليم.

فهو نشاط حيوي ونفسي واجتماعي وعقلي يقوم به الطفل، وليس عبثًا أو لهوًا عشوائيًا، لكنه عملٌ منظم، كما أن ألعابه تمثل له خصوصية يعتز بها ويرفض أن تسلب منه، أو يمنع منها.

أهمية اللعب:

اللعب في الطفولة وسيط تربوي هام يعمل على تكوين الطفل في هذه المرحلة الحاسمة في النمو الإنساني، وهو قادر على إشباع الحاجات الأساسية عند الطفل.

كما أن اللعب يعد تدريب وإعداد للحياة المستقبلية، كما أنه يكسب الطفل الكثير من المهارات الحركية، وقدرة على فهم العالم المادي، والقدرة على التعامل مع الآخرين.

كما يتعلم الطفل عن طريق اللعب عادات التحكم في الذات، والتعاون، والثقة بالنفس، والألعاب تضفي على نفسيته البهجة والسرور، وتنمي مواهبه وقدراته على الإبداع.

ومن خلال اللعب يتحقق النمو النفسي والعقلي والاجتماعي والانفعالي للطفل بشكل سليم. [اللعب وبناء شخصية طفلك، عاطف أبو العيد، ص(3)].

وللعب أنواع وأشكال مختلفة:

- اللعب التعاوني:

ويتم اللعب بين الطفل وجماعة الرفاق، ويكون لهم قائد يوجههم، وهذا اللون من اللعب عادة ما يكون في بداية المرحلة الابتدائية.

- اللعب التناظري:

وفيه يلعب الطفل وحد ويتحدث إلى اللعبة وكأنها شخص حقيقي، وهذا النوع يعتبر لعبًا تعويضيًا للأطفال الذين لا يلعبون كثيرًا مع مجموعة الرفاق.

- اللعب الإيهامي:

ويظهر في الشهر الثامن عشر من عمر الطفل، ويصل للذروة في العام السادس، مل لعبة (عسكر وحرامية) ولهذا النوع من اللعب فوائد كثيرة مثل تنمية الطفل معرفيًا واجتماعيًا وانفعاليًا،

ويستفيد منه علماء النفس في الاطلاع على الحياة النفسية للطفل، كما يكشف عن إبداعاته ومواهبه.

- اللعب الاستطلاعي:

وهذا النوع من اللعب شائع جدًا بين الأطفال، يتمثل في كسر الطفل للعبته رغبةً منه في معرفة محتواها من الداخل، وبعض الأطفال يعيد تركيبها مرة أخرى. [معالم في تربية الأطفال، د.محمد السقا عيد، ص(54)].

دور اللعب في الإثراء النفسي للطفل:

اللعب هو عالم الطفل، واللعب دليل صحة الطفل، وهو عمل يبني الطفل حيويًا، وهو مدخله للتعرف على العالم والتعامل معه، والطفل بطبعه مفعم بالحيوية والاندفاع.

ويحب التغيير في أنشطته، ويلعب ما لم يكن هناك ما يهدده ماديًا ونفسيًا، ويلعب إذا لقي مكانًا رحبًا وصدرًا مرحبًا.

واللعب يسمح للطفل باستكشاف الأشياء والعلاقات، ويسمح له بالتدرب على الأدوار الاجتماعية.

وهو إلى جانب ذلك يخلصه من انفعالاته النفسية السلبية ومن صراعاته وتوتره، ويساعده على إعادة التكيف، كل ذلك دون مخاطرة أو تعرض لنتائج ضارة.

[موسوعة التربية العملية للطفل، هداية الله أحمد شاش، ص(462)].

أهمية الألعاب التخيلية:

ونقصد بها تلك الألعاب التي يتخيل فيها الطفل نفسه معلمًا أو طبيبًا، أو تتخيل فيها البنت نفسها أمًا، فلو تابعنا أحد الأطفال أثناء لعبه يردد: (هيا يا أولادي..سأعد المائدة، ثم نجلس لتناول الطعام).

فعلى بساطة هذه اللعبة إلا أننا لو دققنا لوجدنا أنها تعلم الطفل أمرين هامين ـ على الأقل ـ كاستخدام صيغة "المستقبل"، وتتابع الأفكار، فهي تعبر أيضًا عن نمو هاتين القدرتين لديه.

والألعاب التخيلية تساعد الأطفال على استكشاف مواقف وأدوار لاحظوها كدور الأم والأب والمعلم.

وماذا يفعل كل منهم في المواقف المختلفة، فإذا ما أخذ الوالدان دورًا حيويًّا في لعب أطفالهم.

فإن هذا اللعب يمكن أن يساعدهم في بناء تقديرهم لذاتهم، خاصة إذا قام والداه بالثناء على طريقة لعبه أو منحه تشجيعًا لطريقة تفكيره أو تصرفه خلال اللعب وغيره الكثير مما يمكن للعب أن يبثه في نفس الطفل.

الفك والتركيب..إرهاصات جيدة للمستقبل:

قد يوصف اللعب من الناحية البيولوجية على أنه تسميع أو بروفة على النشاطات المستقبلية الجادة والتي من المتوقع أن يقوم بها الطفل، مثل نماذج اللعب التحليلي: (analytical play) حيث يفك الأشياء المركبة أو يفتتها إلى أجزاء صغيرة، ويظهر أيضًا اللعب التركيبي (sunthetic play).

حيث يقوم ببناء أشياء جديدة من المكعبات أو القوالب أو الصلصال، إن هذه العمليات تبدو وكأنها تسميع لسلوك الراشدين في الاكتشاف وحب الاستطلاع والتشييد والبناء.

كما قد يتمثل الطفل في لعبه سلوك الراشدين البسيط مثل البيع والشراء، المعلم وتلاميذه، وكذلك الأفعال الدينية كالصلاة والدعاء والتسبيح.

إذًا فاللعب يقوم هنا بوظيفة التمهيد والإعداد للحياة الراشدة للطفل فيما بعد. [الإبداع في تربية الأبناء، د.توفيق الواعي، ص(46)، بتصرف].

لأقصى استفادة..شارك أبناءك في لعبهم..!

فقد كان المربي الأول صلى الله عليه وسلم يتبسّط مع الصغار ويتصابى لهم، فعن جابر رضى الله عنه قال: كنا مع رسول الله فدعينا إلى طعام.

فإذا الحسين يلعب في الطريق مع صبيان فأسرع النبي صلى الله عليه وسلم أمام القوم ثم بسط يده فجعل ـ أى الحسين ـ يفر هاهنا و هاهنا فيضاحكه رسول الله حتى أخذه فجعل إحدى يديه في ذقنه والأخرى بين رأسه وأذنيه ثم اعتنقه وقبّله ثم قال: (حسين مني وأنا منه، أحبَّ الله من أحبهما، الحسن والحسين سبطان من الأسباط) [حسنه الألباني في صحيح سنن الترمذي، (3775)].

بل كان صلى الله عليه وسلم يشارك الغلمان الصغار لعبهم، فيقيم لهم المسابقات ويكون حكمًا بينهم:

فعن جابر رضى الله عنه قال: دخلت على النبي وهو يمشي على أربع وعلى ظهره الحسن والحسين رضي الله عنهما وهو يقول: (نعم الجمل جملكما ونعم العدلان أنتما) [ضعفه الألباني في السلسلة الضعيفة، (2661)]، وكان يصفُّ عبد الله وعبيد الله وكُثيرا من بني العباس ثم يقول:

(من سبق إلىً فله كذا وكذا، قال: فيستبقون إليه فيقعون على ظهره وصدره فيقبّلهم ويلتزمهم) [قال شعيب الأرنؤوط: إسناده ضعيف]، فلنا فيه القدوة التربوية الحسنة.

ويؤكد علماء الاجتماع على أهمية مشاركة الأب والأم في تربية الأطفال وذلك بمدهم بالكثير من الثقة والتوازن من الناحية النفسية وذلك خلال الحديث واللعب والقراءة ومساعدتهم في أداء واجباتهم المنزلية.

لأن ذلك من حق الأبناء على آبائهم و أمهاتهم لكي يستطيع الطفل أن يتواصل مع مجتمعه وذلك لشعوره بحنان والديه وعلاقتهما الوطيدة به. [مجلة البيان، مقالة اللعب والتوازن النفسي للطفل].

واجعل لعبهم موجَّهًا!

 لا يكتسب اللعب قيمة تربوية إلا إذا استطعنا توجيهه إلى غايات وأهداف يرمي إليها، وهذا ما يجدر بالآباء فعله؛ إذ لا يمكننا أن نترك عملية نمو الأطفال للمصادفة.

وقد أجريت دراسات تجريبية على أطفال من سن 5-8 سنوات في (18) مدرسة ابتدائية وروضة أطفال منها (6) مدارس تجريبية تقوم على استخدام نشاط اللعب باعتباره أساس وطريقة موجّهة للتعليم.

وقد تراوح وقت هذا النشاط ما بين ساعة إلى ساعة ونصف الساعة يوميًا، و(12) مدرسة أخرى تؤلف المجموعة الضابطة التي لم يكن فيها تقريبًا توظيف للعب نشاطًا للتعليم.

 وكشفت نتائج مجموعة المدارس التجريبية عن مستويات متقدمة للنمو في جوانب شخصية الطفل كلها مقارنة بالمستويات الأقل التي ظهرت لدى المجموعة الضابطة ويمكننا تلخيصها فيما يلي:

1- نمو مهارة جمع المواد بحرص ودأب (عند الطفل) لكي يجعل منها شيئًا تعبيريًا يثير اهتمامه وشغفه.

2- الرسم الحر بالأقلام والتعبير الحر عما يراود (الطفل) من أفكار في رسومه.

3- نمو مهارة الإجابة عن الأسئلة الموجهة إلى الأطفال وتكوين الجمل المفيدة والتعبير الحر المباشر عن أفكارهم.

4- نمو مهارة عقد علاقات قائمة على الصداقة والود مع الأطفال والكبار ممن لا يعرفونهم.

5- ظهور سلوك اجتماعي ناضج في علاقاتهم مع الأطفال الآخرين.

6- التمكن من مهارات الكتابة بسرعة ونظافة وإتقان.

7- القدرة على تركيز الانتباه على الأعمال المطلوب القيام بها من قبل الأطفال

8- اكتساب مهارات جسمية حركية والإفادة من تدريبات الألعاب الرياضية.

9- الانتظام في إنجاز الأعمال والواجبات المطلوبة منهم بدقة وفي المواعيد المحددة.

10- زيادة الحصيلة اللغوية والقدرة على التعبير عن موضوعات معينة.

وأخيرًا عزيزي المربي:

استمتع بأجمل الأوقات وأنت تشارك صغارك لعبهم فتمنحهم مشاعر الحب والأمان، ويمنحونك أروع معاني الأبوة الحانية، وسوف تتذكر أنت وهم، كيف بنيتَ مستقبلهم باللعب الهادف، الذي يفجّر مواهبهم، ويثري ملكات الإبداع في نفوسهم.

المصادر:

- اللعب وبناء شخصية طفلك، عاطف أبو العيد.
- موسوعة التربية العملية للطفل، هداية الله أحمد شاش.
- الإبداع في تربية الأولاد، توفيق الواعي.
- مجلة البيان، مقالة اللعب والتوازن النفسي للطفل.
- معالم في تربية الأطفال، د.محمد السقا عيد.

الكاتب: سحر محمد يسري

المصدر: موقع مفكرة الإسلام